مقدمة
كثيرا
ماكنت أفضل ألا أتكلم ، وأفضل أن أسمع أكثر، كنت انصرف عن الكلام لأنشغل بما يدور
فى رأسى ، والذى يدور فى رأسى زخم من أفكار ومواقف وتعاملات وآراء ودنيا وناس ،
أحيانا تأخذنى أفكارى للبعيد الذى أريده ، وأحيانا أخرى تصدمنى فى الواقع الذى
أعيشه وتؤلمنى ، وأحيانا أخرى تجرنى للذكريات ، والذكريات ماهى إلا مجموعة من
الأحداث رسمها القدر يوما ، ومع الأيام مضت وتلاشت ، ولكنها بقيت فى الذهن فكرا ،
وكلما تقادمت مع الزمن بهتت وتحللت وتحولت داخل العقل إلى مجرد شخابيط ، أو خطوط تشابكت
وتداخلت وتلاهت على جدران الذاكرة .. عشوائية المعالم .. مضطربة الخاطر ، ولم تكن
يوما مستقرة ، ليس لها معنى إلا فى مكنون صاحبها ، فهى مخزونه الفكرى ، هذا
المخزون إن لم يكن له إنبعاث نفسى ، فلانستطيع مطلقا تخطى الحدود الحسية والمعنوية لما عشناه
يوما لكى ندرك الحقيقة المختبئة وراءها فى دائرة اللاشعور ، فهذا الإنبعاث هو الذى
يُحيى المواقف المؤثرة من متبقيات حصيلة تجاربنا الحياتية الناشئة من ظروفنا
النفسية والاجتماعية والجسدية من صداقة وحب وسعادة وألم ، كانت حبيسة الصدر .. أسيرة
النفس ، فيأتى الإنبعاث ويخرج طاقتها الإيجابية كمتنفس ، ويكون مفتاحا يفتح
الأبواب المغلقة داخل قلوبنا وعقولنا . وكل منا له مفتاحه الخاص يختلف فى كينونته
وأدائه من فرد لفرد ، وفقا لما يمنحه الله للإنسان من فكر ومواهب وملكات ، قد تظهر
فى إبداعات الكتاب واستلهام الشعراء وعطاء الفنانين ، فلابد من متنفس لذكرياتنا
وخواطرنا . أما بالنسبة لى لم أجد أفضل من الكلمات ، فعدت إليها وبحثت عن ذكرياتى
فيها فوجدتها مبعثرة ، ومواقفها متناثرة ، والكثير منها مضى وتساقط من شجرة حياتى ولم
أعد أتذكره ، حاولت أن أجمع ذكرياتى من عرض الطريق الذى كان يتسع بى وأحيانا يضيق
، وعندما هممت أن أكتبها حمّلت على ذهنى فى اعتصارها كى أكتب أكبر قدر منها وتأخذ
شكل الحكايات العابرة ، أو المواقف المؤثرة ، حتى أستنطقت السطور بالمعانى التى
تحتوينى ، كنت فيها حريصا على وضوحها وتنسيقها ولكن فى إطار معين ، ليس من أجل
الأخرين ، رغم أن الإنسان لايعيش وحده ، ولايعرف قدرات نفسه إلا من خلال مايمرون
بحياته ويمضون ، ولكننى أكتبها حتى أفرغ نفسى منها .. أو أفرغها من نفسى ، لتنطلق
منى ، أو أتحرر منها ومن قيودها وأرتاح ، ولكنى كلما كتبت جزءا منها وجدت نفسى لاأرتاح
، ذكرياتى تريد منى أن تعيدنى إليها ، والماضى يؤثرنى وينغص
على حياتى من فرط الحنين إليها ، والحاضرلاأجد فيه متعة الماضى ، وخاصة المواقف الرومانسية
الجامحة التى عشتها وكانت تستهواها النفس وتؤسرها ، ماأجملها .. وماأرقها ..
وماأحلاها . على أنه ليس كل الماضى جميلا ، ففيه أيضا منغصات ومواجع ومجرد استعادتها
تثير فينا الألم والشجون ، وكم من آمانى كانت النفس تتمناها وتهواها وعدوت وراءها
كثيرا ثم جنحت منى ، أو جنحت عنى ولم تتحقق . فبينما كنت متجها فى طريق حياتى ، وقفت
لأعيد حساباتى مع النفس ، حتى نظرت لها فى المرآة وأصابتنى الدهشة على ماوصلت له من
حال ، كم سنة مرت من الجرى وراء سراب ؟ ، ورحت لحظات فى شرود أفكر فى التلاشى ، ثم
وضعت نظارتى السوداء على عينى ، ومضيت فى طريقى .
منذ
أن كنت صغيرا وأنا أعانى من الأيام حتى سرقتنى ، سرقت منى أحلامى
كلها ومرت دون أن أحس بها ، سرقت متعة الصداقة ، فلم
أنعم بها حتى أقدرها ، وسرقت منى نعمة الحب فلم ينبت فى حياتى عشب المحبة حتى
أعرفه ، إننى لم أعرف بعد معنى التعايش مع الناس أو بينهم ، كنت أراهم ولا أعرف
كيف أتعامل معهم ، وهذا سر عذابى كله ، إننى لم أتعود فى حياتى إلا على الإنزواء والبعاد حتى نشأ بينى وبين
الناس حائط كبيرمن الخوف ، لم أفلح أبدا يوما فى تسلقه حتى أقترب منهم ، ليس فى
يدى شيئ ألمسه ، ولاعلى شفتى شيئ أستطعمه، ولاعلى لسانى كلام استطيع أن أقوله ، ولاعلى
قلبى إحساس استشعره ، إننى لم أعد أفهم شيئا مما حولى ، ولاشيئ حولى يستوعبنى ، إن
بينى وبين العالم كله حاجزا كبيرا من الزجاج الكاشف لكل شيئ ولا تراه عينى ، فلا قيمة لحياة لاأساوى فيها شيئا .. حياة بلا
معنى ، ومع ذلك كنت عند أمى كل شيئ ، إن أمى لايعنيها إلا أن أكون فى صحة جيدة
وأنام نوما عميقا وأن تكون ملابسى نظيفة ، وأنجح كل عام بتفوق ، أما غير ذلك لايهم
، لايهم أن أعرف بعد معنى للحياة ، أو أعرف معنى للخروج مع الزملاء ، ولا متعة النزهة
مع الأصدقاء ، أو أفهم معنى الاختلاط بالجنس الأخر ، إننى لم أعرف قيمة المرأة فى
حياتى وهل تساوى شيئا عندى أم لا ، إننى لم أعرف إلاامرأة واحدة هى أمى ، ولم تعرف أمى
ماأفكر فيه فى هذه السن ، لاتعرف أن شيئا بداخلى بدأ يتغير ويتبدل .. وأن لدى مشاكل وعندى متاعب ، وسأخلو مع نفسى
وأفكر ، وعندما أجلس إلى زملائى فى المدرسة ثم الجامعة سيكون من بينهم الأصدقاء والرفاق
والأحباب ، وستكون هناك حواديت وحكايات تناسب أعمارنا ، وتناسب رؤيتنا للدنيا
والناس ، لم تعرف أمى كل ذلك ، فقط كانت ترانى كائنا حيا ، حملته فى بطنها ، ثم
ولدته ليأكل ويشرب وينام ويلبس فقط . وأن خوفها الدائم على حياتى هو الحماية التى يجب
أن توفرها لى كى تقينى من شرور الدنيا وشرور الناس .
كنت
كلما كبرت تعلقت فى أذنى عبارات " لاتلتف لأحد " و " خلى بالك " و" وأوعى
لنفسك " و" عيب " و "وأوعى تقف أو تتكلم مع البنات " كانت
تبثها لى عبر موجات من الخوف الذى ارتبط بكل شيئ في حياتى ، وخاصة مايخص البنات أو
بالجنس الأخر، فالكلام معهن والجلوس إليهن عيب ، عشت فى وجود حدود لكل شيئ حتى
كبرت ، وكبرت معى مشاكلى وكبرت معى أيضا رهبة التحدث إلى الناس وخاصة النساء ،
وعانيت وتعبت واضطربت حتى اكتشف فيما بعد أن معايشة الناس شيئ طبيعى ، وأن الحديث
مع أى فتاة ليس عيبا ، والخروج معها منتهى المتعة ، ومصادقتها شيئ ضرورى ، وحبها
لابد منه ، فمعها تحلو الحياة ، والإنسان يظل مرتبطا بالشيئ الذى يجد فيه راحته ويضيف
له الجديد فى حياته ، ومن أجل ذلك فهو يحبه ، ومادام هذا الشيئ يعطيه السعادة
ويضيف لحياته معنى ، إذن فهو نادر ولابد من الحرص على تواجده والبحث عنه طول الوقت
وكل العمر . فكان ولابد أن أتلصص على هذا العالم الذى كنت أهابه ، عالم المرأة ،
الفضول والحرص جعلانى أحاول اكتشافه ولكن من بعيد ، وقتها كانت لاتوجد عندى فرصة ولاوقت
ولاشجاعة ، أن أدخل عالمها بارتياح مثل كل من كانوا فى سنى ، وأن أجوب آفاقه وأباشره
بنفسى ، ورغم القصص التى كنت أسمعها ، ورغم الفتيات اللاتى كنت أراهم ، إلا أننى
لم أجرؤ على النظر إلى واحدة منهن ، وإذا نظرت لاأعرف ماالذى يمكن أن يحدث بعد
النظرة أو الابتسامة أو السلام أو الكلام إذا ماتجرأت إحداهن ونظرت لى . كنت خجولا
جدا ولاأستطيع أن أواجه شيئا من كل ذلك ، فقد كانت الحياة عندى هى الخجل من الحياة
، أو أن الحياة هى الحياء ، فإذا دق قلبى لفتاة ، يجب أن أكتم قلبى لأن هذا الذى
يجرى فى داخله خطر على حياتى ، خطر على دراستى ومستقبلى لاألعب ، ولاأسهر ،
ولاأنظر إلى أى فتاة ، فإذا نظرت أكون قد اقترفت جرما وارتكبت جريمة ، لذلك كنت
اكتفى بالاستماع فقط إلى هذه المغامرات من أصدقائى وكثيرا ماكنت أشارك فى تخطيطها
وأتابع معهم النتائج ، وكم كانت سعادتى عندما يصادفها النجاح ، كنت أحس بزهوى أمام
نفسى وبالطبع أمام أصدقائى ، حتى صرت خبيرا فى العلاقات الغرامية والمغامرات
العاطفية لهم ، ثم أسجلها فى ذهنى وأعيشها مرة أخرى ، ولكن مع خيالى وفى أحلامى
الياقظة مع من تهواها نفسى ، إننى لم أنفرد بواحدة أو بقصة أو بمغامرة ، وإن كنت
أتمنى ذلك ، حتى تشكلت أول قصة حب فى حياتى ، أو أننى توهمت بينى وبين نفسى إنها
قصة حب .
يسرية
جارة تسكن فى المنزل المقابل لمنزلنا كانت تكبرنى بثلاث سنوات ، كانت مثار إعجاب
كل شباب شارع الشيخ القويسنى بل ومنطقة الظاهر كلها ، منحها الله الفتنة فكانت
متعة لكل نفس تهواها ، ومنحها الجمال فكان حديثا لكل عين تراها ، وأعطاها سمة
القبول فكانت قبلة لمريديها الذين كانوا يتضاعفون يوما بعد يوم ، كان جمالها هادئا
، وأنوثتها طاغية ، جمال تملك كل محاسنه ويفصح عن قد ملفوف كغصن بان ، ووجه نضر ذى
بشرة صافية وتقاطيع جميلة ، يضم عينين فاتنتين وأنف أشم وشعر أسود ناعم قصير ، كانت
أنوثتها تشع منها جاذبية غريبة من النوع الذى يمس شيئا فى أعماقك ويشعرك بأن كل
حواسك شدت إليه حتى تصورت وقتئذ أنها أجمل فتاة وقع عليها بصرى ، فداعبنى حبها ، وكانت
هذه هي الخفقة الأولى التى شعرت فيها بهذا الإحساس الوافد الجديد ، أما هى فلم يظهر
عليها مايمكن أن أستشعر من خلاله إحساسها ، وعندما بدأت اهتم بها اكتشفت أننى لم
أكن وحدى من لفحه هذا الشعور الجميل وداعبه هواه واجتاحه ، فالمعجبون بها كثيرون ،
والكلام عنها أصبح متداولا بينهم كأحسن مايكون الكلام فى الحب ، والغريب أنها لم ترد
أحدا منهم خائب الرجاء إذا ماحاول أن يتكلم معها ، أما أنا فلم أحاول وكأننى
أكتفيت باستراق النظر إليها ، كانت تنظر لى فى تعجب ، ربما أحبت خجلى ، أو أحبت فى
حيائى ، أو لفت نظرها المجهول التى تحمله نظراتى لها ولم تستطع أن تتبينه ، فكنت استشعر
من نظرات عينيها أن وراءها كلام وحديث يريد أن ينطق ويسألنى من أنت ؟ وماذا تريد ؟
، ولم تعرف أن خيالى الظامئ كان يهيئ لنفسى أننى اقترب منها وأتوهم أنها تفضلنى عن
كل هؤلاء الذين أحبوها ، أو أنها تحبنى . إننى لاأدرى كيف وصل بى خيالى إلى هذا
الحد وسط كوكبة الذين تزاحموا على حبها وعاشوا يتمنون رضاها ، وكانت تمنحهم نفس
النظرات التى كانت تمنحها لى وأحيانا كانت تغدق عليهم بابتسامة ، مقابل إبراز
عواطفهم التى كانوا يمنحوها لها بسخاء ، أما بالنسبة لى فإنها لم تعرنى أى اهتمام غير
نظراتها الباحثة عن ذلك المجهول البعيد الذى ينظر لها ويبتعد ، ينظر لها ولايحاول أن
يكلمها ، وخاصة أنها كانت فى غنى عن هذا الشخص تماما الذى هو أنا ، فمحبوها كثيرون
وأفضل وأجرأ منى بكثير ، فلا وقت لديها حتى تضيعه مع إنسان مثلى ليس لديه الثقة فى
نفسه وأمامه الكثير حتى يكون جديرا بأن تفكر فيه . أنها لم تدر أن الذى يملأ
جوانحى إحساس جميل لها ربما لايعادله كل أحاسيس معجبيها ، وربما كان مختلفا عن كل
من حاول أن يكلمها ، ولكنه حبيس صدرى ولا أدرى إلى متى سيظل هكذا ، إننى لاأجد
مايشجعنى ولو تشجعت أتذكر كلمات أمى فجأة فتثبطنى وتحبطنى ، إننى لااستطيع أن أقول
حتى مع نفسى أنى أحبها ، كنت كثيرا ماأتخيل وهى تقول لى تكلم إننى أحبك ، كنت
أتوهم ماأتمناه ، أى أننى أتمنى لو يحدث ، والحقيقة هى أن شيئا من كل ذلك لم يحدث
، ولكن أريده أن يحدث ، إنها لم تشعر بى أساسا ، ولم تكلمنى ولا أنا حاولت أن أكلمتها
، أو حتى اقترب منها ، والمعنى إننى أريد ولكن لاأستطيع .
كنت خجولا ومترددا وخائفا وحساسا ، وبقدر ماكانت خيبة الأمل وتهيبى كانت جرأة الأخرين ومهاراتهم ، فكنت أكتفى بالنظر والإعجاب والحب عن بعد ، وكان هم لايكتفون بأقل من حديث عابر أو لقاء خاطف كلما ذهبت للمدرسة أو راحت تشترى شيئا ، وكانت هى تحدثهم ولكنها لم تمنح أحدا أملا أو تصريحا بأنها تميل له أو ترتاح إليه ، أبدا ، ربما هذا هو الذى شجعنى على إمعانى فى هذا الوهم الجميل أن أحدا منهم لم يظفر بحبها ، مما أعطانى الأمل فيه وقلت في نفسى حتى ولو كنت أخر من تنظر إليه ، إننى صرت لاأرى غيرها ، وصورتها دائما تملأ خيالى ، وكرهت ذلك الحذر والتردد والضعف والخوف وكل ماكان يحول بينى وبينها ، إن القدرة لم تكن هى التى تنقصنى ، ولكن كانت الثقة بالنفس والجرأة والشجاعة ، بدأت أهتم بنفسى .. بمظهرى وهندامى ، كنت قبل ذلك لاأهتم بهما ، ولا حتى أكلف نفسى النظر فى المرآة ، كنت أرى أننى لست بحاجة للنظر إليها حتى أرى وجهى ، إذ لم يكن شكلى أو مظهرى يهمانى فى شيئ ، ولكن من أجلها وجدتنى أهتم بمظهرى ، وأنظف أسنانى ، وأمشط شعرى ، كى ترانى بأفضل ماتكون عليه صورتى فى عينيها ، كنت أبحث عن كل الطرق كى أراها ، ولم أجد أفضل من سطح منزلنا كى أتابعها بكل اهتمام ، فهو أنسب وأقرب مكان لرؤيتها منه ، وكثيرا ماكنت أجد متعة كبيرة عندما انتظر خروجها للشرفة أو عندما أراها واقفة خلف الشباك . كنت أحب دائما أن أصفها للمقربين ، وأجد لذة كبيرة كلما تحدثت عن جمال وجهها ، ورشاقة جسمها ، وأتغزل كذلك فى عينيها الغافيتين وحاجبيها وشفتيها وشعرها الأسود ، ومشيتها التى كانت تتهادى فى خطواتها كأنها بطة . كنت أتخيلها وأنا أهرب بها إلى أخر الدنيا . حتى جاء اليوم ..........
وللخفقة الأولى بقية
كنت خجولا ومترددا وخائفا وحساسا ، وبقدر ماكانت خيبة الأمل وتهيبى كانت جرأة الأخرين ومهاراتهم ، فكنت أكتفى بالنظر والإعجاب والحب عن بعد ، وكان هم لايكتفون بأقل من حديث عابر أو لقاء خاطف كلما ذهبت للمدرسة أو راحت تشترى شيئا ، وكانت هى تحدثهم ولكنها لم تمنح أحدا أملا أو تصريحا بأنها تميل له أو ترتاح إليه ، أبدا ، ربما هذا هو الذى شجعنى على إمعانى فى هذا الوهم الجميل أن أحدا منهم لم يظفر بحبها ، مما أعطانى الأمل فيه وقلت في نفسى حتى ولو كنت أخر من تنظر إليه ، إننى صرت لاأرى غيرها ، وصورتها دائما تملأ خيالى ، وكرهت ذلك الحذر والتردد والضعف والخوف وكل ماكان يحول بينى وبينها ، إن القدرة لم تكن هى التى تنقصنى ، ولكن كانت الثقة بالنفس والجرأة والشجاعة ، بدأت أهتم بنفسى .. بمظهرى وهندامى ، كنت قبل ذلك لاأهتم بهما ، ولا حتى أكلف نفسى النظر فى المرآة ، كنت أرى أننى لست بحاجة للنظر إليها حتى أرى وجهى ، إذ لم يكن شكلى أو مظهرى يهمانى فى شيئ ، ولكن من أجلها وجدتنى أهتم بمظهرى ، وأنظف أسنانى ، وأمشط شعرى ، كى ترانى بأفضل ماتكون عليه صورتى فى عينيها ، كنت أبحث عن كل الطرق كى أراها ، ولم أجد أفضل من سطح منزلنا كى أتابعها بكل اهتمام ، فهو أنسب وأقرب مكان لرؤيتها منه ، وكثيرا ماكنت أجد متعة كبيرة عندما انتظر خروجها للشرفة أو عندما أراها واقفة خلف الشباك . كنت أحب دائما أن أصفها للمقربين ، وأجد لذة كبيرة كلما تحدثت عن جمال وجهها ، ورشاقة جسمها ، وأتغزل كذلك فى عينيها الغافيتين وحاجبيها وشفتيها وشعرها الأسود ، ومشيتها التى كانت تتهادى فى خطواتها كأنها بطة . كنت أتخيلها وأنا أهرب بها إلى أخر الدنيا . حتى جاء اليوم ..........
وللخفقة الأولى بقية
مع خالص تحياتى : عصام
القاهرة فى إبريل ٢٠١٧