music

الثلاثاء، 13 يونيو 2017

شخابيط على جدران الجموح ( الخفقة الأولى 3 )


(٣)


ورحت فى دوامة وسرحت فى الذى قالته عن الحب ورأيها فى مفهوم الصداقة ، وإصرارها البالغ ألا تخوض في حديث غيره ، وماالذى تريد أن تلمح إليه فيهما وماالذى تريد أن تقوله عنهما ، وعن موقفها من أصدقائى الذين أحبوها ، أو ماحاولت أن توصله لى من معانى وآراء صديقاتها فى شخصى ، ومايدور بينهن من حديث قبل هذا اللقاء وبعده ، فمن المؤكد أنهن يعرفن بترتيباته ، وسأكون مجالا لحديثهن ، وياحبذا لو قالت لهن عن هذا الموعد وجئن ورأينها معى الأن ، كيف سيكون حالى  .



أصابتنى الدهشة وأحكم الضيق صدرى وجثم عليه ، فكلامها رغم جماله إلا أن فيه غموضا ووراءه معنى لاأعرفه ، ثم ظهورها فى حالة من السرحان والانشغال عنى كلما أرادت أن تثير انتباهى فى معنى تريد أن يصلنى وأفهمه بسرعة مما كان يصيبنى بالحيرة ، وأحيانا أخرى تعطينى إحساسا بعدم قدرتها على التركيز ، واكتشف بعد ذلك أن ماتفعله ماهو إلا تمهيد لشيئ أكبر مما يصوره لى خيالى ، كأنها تريد أن تطوقنى بمشاعرها أو تعطينى إنطباعا معينا تخجل أن تتحدث فيه رغم لباقتها ومهارتها فى تداول الحديث . إننى أعترف بل وأقر بقدراتى المحدودة التى من المؤكد أنها تفوقنى عنها بمراحل ، ولن ولم أكن جديرا على مجابهتها  ، لذلك كنت أرجع وأقول لنفسى إننى أصبحت فى ورطة حقيقية . ثم ذهبت لأبعد من هذا وتصورت لو أن أحدا من أصدقائى أو من أقاربى أو حتى من جيرانى رآنى وعرف بهذا اللقاء ، ثم ذهب وحدث أبواى بهذا الأمر ، ماذا سيكون الحال ؟ كيف أواجه أبى وأمى ، أزددت اضطرابا وتوجسا ، ثم أعود وأقول لنفسى ماالذى أعجبها فى واحد مثلى .. منطوى ويمشى ووجه فى الأرض ، لم يكن يعرف معنى لكل ماتقوله ، ولم يعتد على الكلام الذى يحمل معانى أخرى فيها مبالغة فى الحديث وتأويل فى القول ، وأقوى من مفهومه البسيط الذى يتوقف تفكيره عنده ، إننى كنت أحيانا لاأفهم أصدقائى فيما كانوا فيه يتحدثون ، لذلك لم أجد تعليقا على كل ماقالت ، ولم يكن من السهل أن أحكم على ماسمعته منها فور سماعى له . ورحت أتصبب عرقا ، وأخذتى دوامة من أفكار شتى ، إنه أفضل لى ، بل الأهم فالأهم أن أذهب إلى غرفتى وانصاع لأوامر أمى وتوجيهات أبى ، وأذاكر وأنام وأصحو وأذهب إلى المدرسة ، لاأرى أحدا ، ولاأحد يرانى ، وأن كل الذى يجب أن أعرفه هو أننى أذاكر واتفوق فقط ، أما بعد ذلك فلايجب أن أعرفه ، ولايصح أن أشغل نفسى به . 




ثم عدت من هذه الشردة الطويلة على صوتها : الله الله هو إحنا هنبدأ بالسرحان من الأن ولا أيه . انتبهت بسرعة : أبدا لاسرحان ولاحاجة أنا معك . قالت : ميمى ممكن تكلمنى عن نفسك ، بجد نفسى أوى أسمعك . الحقيقة أننى تفاجأت أيضا بهذا السؤال لأننى لاأجد ماأقوله عن حياتى ، ولاأجيد التحدث عن نفسى ، لأنى لاأجد فى حياتى شيئا يستحق أن يذكر . ومالبثت حتى فاجأتنى بسؤال أخر أخجلنى أكثر من سابقه ولم أتوقعه وزاد من إحساسى بتورطى فى علاقة لم أمهد لها نفسى ، وشعرت بأننى على وشك لصدام حتمى بين أفكارى وتربيتى وعاداتى وتصوراتى ورغباتى وماأحبه ومالاأحبه ، وكأننى بين حلم ويقظة .. بين غفوة وإفاقة ، لاأدرى .. لاأعلم .. لاأعرف ، وأن كل ما أعرفه من قصص الأخرين أن الحب لم يكن نعيما مثل ماتصوره لنا أغانى عبد الحليم حافظ  وأفلامنا الكلاسيكية الرومانسية التى طالما كانت تبهرنى وتجعلنى أعيش أوهام الحب فى خيالى واستغرقها فى أحلامى .. فى النوم واليقظة ، ولكن الحقيقة تقول أن سعادتنا به لايتجاوز سوى لحظاته الأولى وسرعان مايتحول إلى عذاب ونار متقدة تحرق كل شيئ حوله ، والحقيقة تقول أيضا أننى لم أرتكب أى خطأ فى حياتى حتى الأن ، ولم أفعل مايفعله كل أصدقائى فى أخذ أمور الحب بلا اكتراث ، لأنهم لايحبون ولكنهم يعيشون فقط فى نزواته وطيش شبابه ، ثم تنبهت على سؤالها :
- عمرك ماشعرت بالحب نحو أحد .
- إننى أحب أشياء كثيرة .
- أقصد أية فتاة.
- لا .
- ولا واحدة جعلتك تشعر أنها تحبك .
- لا ، لأنى لاأثق فى مشاعر أوكلام البنات .
- لاتثق ، كيف هذا ؟ معنى كلامك إنك لاتثق فى كل البنات حتى أنا.
- أنا لم أقل هذا .
- ألست أنا واحدة من البنات اللآتى تتكلم عنهن ، أم أنا ماذا ؟! .
- صدقينى لم يكن ذلك مقصدى .
- رغم أن كلامك واضح وفيه إهانة لى ، إلا أننى سأصدقك بأنك لاتقصده وسأتجاوزه ، ولكن سوف أسألك نفس السؤال بشكل أخر ، يعنى لو افترضنا أن واحدة جاءت وقالت لك أنها تحبك ماذا تفعل ؟
- بنت تقول لى أحبك ، لاأعتقد أن هذا سيحدث .
- أنا أقول لنفترض وحدث ، ماذا ستفعل ؟
- لاأعرف ، وإن كنت أعتقد أن الجرأة لاتتناسب مع البنات ، فالذى عرفته وشاهدته بعينى وعايشته مع أصدقائى يقول إن الولد هو الذى يجب عليه أن يبدأ أولا ، والبنت عليها ألا تندفع وراءه وتتقل عليه وتتدلل ، وهو يحاول ويجاهد مرة واثنتين وثلاث ، حتى تبتسم له ، ويظل يحوم حولها ويدور ويسهر الليالى ويظل يشتكى لأصدقائه قسوتها حتى تعطف عليه وتكلمه .
انتابها القلق والحيرة إنها لم تتوقع منى هذه الردود ، ولا الحدة فى الكلام ، وتساءلت بينها وبين نفسها : ماذا حدث ؟ ولماذا هذا التغيير المفاجئ فى كلامه معى ؟ وراحت ترد على وقد اختفت البسمة من على شفتيها .
- أهكذا هو مفهومك عن الحب ، إذن أنا أخطأت حينما قررت أن أشاور لك وطلبت منك أن أقابلك وأخرج معك وأتحدث إليك .
- لم تقولين هذا .
- طيب سيبك من كل اللى فات ، وقل لى ما رأيك فى كبنت ؟
- فى ماذا ؟
- فى شخصى ، في تصورك لى حينما شاورت لك وطلبت مقابلتك ، وعلى أى أساس استجبت وجئت تقابلنى ؟ .
الحقيقة أننى لم أعرف كيف أرد عليها ، وهنت أنفاسى .. وتباطأت خطواتى .. وتصلبت فى مكانى .. ولم تمهلنى فرصة الرد ، حتى واصلت مابدأته من كلمات وقد غاص قلبها ، أحسست به كأنه يهبط مع أنفاسها فى بئر عميقة ، ووجهها راح يضج من شدة إحمراره .
- مؤكد أنك ترانى فى ثوب الفتاة المتحررة الجريئة التي لاتحكمها أية قيود أو ضوابط ! .
- لم يأت هذا فى ذهنى .
- ألم أقف معك الأن وأكلمك وكان ذلك بإرادتى لا بإرادتك ، وكذلك أكلم كل أصدقائك ، وكل شباب المنطقة وأنت تعلم ذلك ، إذن أنا بنت متسيبة وقليلة الأدب .
- لماذا تصرين على تأويل كلامى ، وتحملينه مالايطيق ، فكل ماتقولينه أنا ليس لى شأن به ، فكل إنسان مسئول عن نفسه .
ابتسمت فى سخرية ومرارة ، ثم ضحكت ضحكة عالية هستيرية وقالت :
- صحيح كل إنسان مسئول عن نفسه ، إذن أنا بنت مبتذلة .. سهلة .. لعوب ، أكلم الشباب ومستهترة . كأنك تصورت أننى عندما قلت لك أن أصدقاءك يسعون للتحدث معى كان ذلك بهدف أن أترك لك انطباعا بأننى أحادث الشباب ، وفضلتك عليهم حتى أثيرغيرتك ، وفى نفس الوقت أتلاعب بهم وبمشاعرهم ، وأن كلامى معك ومعهم ومع غيركم إنما لتحقيق أغراض معينة .
- إننى لم أقصد هذا على الإطلاق ، لم تحملين كلامى على معانى لاأقصدها .
- أنا أسفة إن كنت أخطأت فى حقك ، بل وأخطأت في حق نفسى عندما أردت أن أتحدث معك ، وعن كل مشاعر الإعجاب التى قلتها لك بمنتهى البساطة وظننت انك ستقدرها ، لم أكن أتصور أنك منغلقا إلى هذا الحد ، إننى لاأريد منك شيئا ، كل ماهناك أننى أعرف عنك أنك محترم .. دمث الخلق .. تعتز بنفسك .. مجتهد ومؤدب وكلهم يقولون عنك ذلك ، وأنت فعلا مؤدب وخجول ، وأننى تكلمت معك لأنى شعرت من نظراتك بالأمان والراحة أكثر من كل أصدقائك وغيرهم من الذين يريدون التسلية وإقامة علاقات ونزوات ، ورأيتك مختلفا عنهم ، ولكن أريد أن أعرفك شيئا من المؤكد غاب عنك ، أن حديثى مع الشباب لايخرج عن كونه صداقة أو أخوة وبعلم أبى وأمى وأختى سحر وأخى أحمد ، ياحبيبى الزمن تقدم وأصبحنا نعيش فى مجتمع عامل لافرق فيه بين الولد والبنت ، إنما الفروق الحقيقية هى فى التربية والثقافة والأخلاق والدين ، وأيضا فى التفوق والريادة وهى فروق يمكن تميزها بين وولد وولد أو بنت وبنت . أنت جرحتنى ، وأحسستنى بالندم ، لأول مرة أندم على شيئ فعلته .
انعقد لسانى وجحظت عيناى ، وأحسست بدقات قلبى تضعف ،، وأنفاسى تتباطأ .. وبالكاد أفتح عينى وأحاول أن آخذ نفسا عميقا أملأ به رئيتى بالهواء حتى استطيع أن أتنفس وأرد عليها :
- صدقينى أنا لم أقصد أية إساءة لك ، ربما أسأت تقديرى للكلام أو أن التعبير خاننى ، فأنا قليل الكلام .. وقليل التجارب أيضا .
تعقد وجهها ، وظهرت على نواجزه علامات الضيق ، ونظرت لى من خلال الدموع .
- ماهو باين .. إننى مضطرة أن اتركك الأن .
- ياه لهذه الدرجة ضايقتك وتريدين أن تنهى اللقاء .
- ليته مابدأ ، وكان أفضل عندى أن تظل صورتك جميلة كما هي ، وكما صورها خيالى ، ولاكنت أراها تهتز بعنف وتبهت أمامى بشدة كما حدث الأن ، ليتنى مافكرت أن أتكلم معك من الأساس ، عموما أنا أتأخرت على رجوعى للمنزل ، وآن لى أن أنصرف الأن.
- ياترى ستسمحين لى أن أراك مرة أخرى ، وصدقينى سأكون أفضل بكثير من اليوم ، واعذرينى فهذه أول مرة في حياتى أكلم فيها بنت ، فدعينى أكفر عما اقترفته فى حقك .
- لاأظن ، ولكن دعها للظروف .





وافترقنا إلى غير ميعاد ، ولم يستطع الحزن على فشلى فى الحديث معها ، والظفر بلقاء آخر أن يمحو تلك النشوة التى تركتها فى نفسى خلال هذا اللقاء العابر ، كأننى رضيت بما حققته وكفيت ، فقد كانت أكثر طموحاتى لاتتعدى مجرد حلم أمنى فيه نفسى باليوم الذى يأتى واستطيع أن أكلم فيه أية فتاة ، فإذا بالحظ يبتسم لى ولأول مرة في حياتى وأجد نفسى فجأة أكلم فتاة ، ليست كأى فتاة ، بل فتاة بحجم وجمال ورقة ووداعة يسرية ، فتاة كنت أخشى النظر في عينيها ، وليس لى أن أواصل النظر إليها إلا خلسة ، وحتى بعد أن أحسست أن بها مايجذبنى إليها ويغرينى بها لم تهيئ لى نفسى مجرد فكرة أن أقوم بأى نوع من أنواع المغامرة وأحاول أن أكلمها ، رغم أن كل شيئ فيها كان يدعونى إلى ذلك ، فهى لاتمانع أن تتكلم مع أى أحد يريد أن يكلمها ، وكانت نظراتها الممنوحة لى بمثابة كلمات تفتح آفاقا رحبة لحب الاستطلاع ، ورغبة ملحة لإيقاظ قلبى وتنبهه إلى وجود شيئ يستحق أن أهتم به وأسلم له بقية حواسى ، فقد أغرتنى إلى أن أسرح معها فقط في أحلام اليقظة التي كانت تصورها لى كأميرة جميلة على عرش القلوب ، وأن وجودها الدائم أمام عينى في الغدو والرواح كان يوقظ حسى أيضا ويرهف أعصابى ، ولكنه بقى مجرد إحساس لم أتجاوزه ، ولم تمكننى إمكاناتى المتواضعة جدا أن أستقر على أمر أو اتجاه أو خطة موضوعة أو تفكير مرتب أو هدف واضح فى الوصول إليها والتحدث معها .. فإذا بها هى التي طلبت أن تكلمنى ، وهى التى أفاضت وقالت مالم أكن أحلم بسماعه ، وأن ماقالته ربما فاق كل طموحاتى التى كانت بعيدة أقصى البعاد عن مجرد التفكير فيها ، لدرجة أننى تمنيت لو استطعت أن أروى لكل الرفقاء الذين أحبوها ماحدث بينى وبينها واحدا تلو الأخر . ومضيت بقية اليوم حائرا ، ومضيت ليلى لاأنام ونمت ولم أنم ، ولكنى كنت استعيد كل كلمة قلناها ، وأقول لنفسى ليتنى كنت قلت كذا وكذا ، كنت أتذكر كل لفتة وكل همسة وأفسرها تفسيرا يحملنى إلى التأنيب ، وعدم التوفيق فى مجارتها الحديث والاستحواذ على إعجابها بما كان يجب أن يكون وبما يساوى حبى لها ، وهى لم تقدر - رغم فطنتها - أننى لم أتكلف معها بل تركت نفسى على سجيتها ، وليس سهلا على النفس من الإنطلاق على سجيتها عندما تكون بجوار شخص إلا إذا كانت هى تحبه وتقدره ، وأن وراء هذا الحب عاطفة جميلة وإحساس راق ، إننى شعرت منذ اللحظة الأولى التى رأيتها فيها .. أنى أحبها ، وأن العيب ليس فى شخصى بل فى ظروف حياتى ، فكثيرا ماعانيت إتهام رفاق الطفولة والصبا بالجبن ، وكنت اقتنع بإتهاماتهم لى ، ولم يكن أملك غير ذلك ، فكل الشواهد والظواهر تدل عليها وتؤكد وجودها ، وكنت أشعر فى قرارة نفسى أننى حقا أفتقد الثقة والجرأة والشجاعة . 





عشت بعد ذلك لاأعرف ماالذى احتوانى ، تملكنى أرق بالغ كنت أريد أن أنسى مافعلته معها .. وأصبحت مأخوذا ، وظروفى استولت على وتعقدت أكثر ، وتمنيت أن أنسى وجودى وأنسى الدنيا ، وحاولت فعلا النسيان .. فالنسيان أحيانا نعمة كبيرة ، وحاولت أن أعود لعالمى الخيالى الخاص وأُغرق فيه نفسى ووحدتى والليل الطويل وقصة يسرية ، حتى أعفى نفسى من فكرة أننى جرحتها ولم أقدر مشاعرها ، إلا أننى مازلت أسأل نفسى هل كانت هذه المشاعر بالفعل حقيقية أم نزوة أم ماذا ؟ إننى لاأعرف حقيقة المشاعر ولا الإحساس بالحب . وانقطعت الصلة بيننا ، ولم تعد تخرج للشرفة كى ترانى كما كانت تفعل ، ولم تظهر أمامى كما كانت تحرص على ذلك ، بل حاولت البعاد عن تعمد وفى إصرار . حتى غابت ولم أعد أراها ، كنت كثيرا ماأصعد للسطوح أو افتعل الوقوف تحت شرفتها لأى سبب مع أحد أصدقائى حتى ألمحها ولم يحدث ، أو أجبر نفسى على الوقوف فى الشارع لأوقات متأخرة من الليل على أمل أن قلبها يرق ويلين ، ثم أعود فى كل مرة للمنزل مخزولا ، وتعمدت بعد ذلك أن أصحو مبكرا لأراها وهى فى طريقها إلى المدرسة فمن المستحيل أنها ستتغيب عن المدرسة بسببى ، ورأيتها ولكنها كانت تتعمد ألا ترانى .. وتأكدت إننى لم أعد أساوى بالنسبة لها شيئا ، بل كدت ألمس فى نظراتها كرهها لى ، أحسست بعجزى وفداحة خسارة الأشياء التى تأتى وتتسرب من بين يدى ، وهذه القصة لاأدرى أهى قصة حب أم كان من الممكن أن تكون قصة حب ولم يكتب لها أن تكتمل ، ربما كان وقتها لاأستطيع أن أحكم على الأشياء لأن العناصر الحقيقية للحب فى هذه السن غير مكتملة وغير حقيقية ، وأن عاطفة هذه المرحلة عبارة عن كلمات ونظرات ومحاولات لاتعدو مرحلة الطيش والمزاج المتغير والإحساس المتقلب والشعور الذى لايتجاوز حد التمنى ويغلب عليه صفة الأحلام فقط . إننى لم أفلح فى إقناع يسرية رغم إعجابها بى ، ولم أفلح فى أن أقبض على الفرصة الوحيدة التى واتتنى ويصعب تكرارها .. ولم أعد أفلح فى أى شيئ .. ولاأجد نفسى فى أى معنى . وأصبحت مفرط فى إحساسى لدرجة أنه كلما كان يصادف ويأتينى أى إحساس جميل بعد ذلك كنت أحرص على أننى لاأكف من تهذيب نفسى وأحاول أن أمسك بداية طرفه وأطوره وأبنى به ، ثم أبنى عليه أملا فى أنه ينضج ويساوى لحظة حب فيها إحساس حقيقى ، وفيها صدق ، وحتى هذا أيضا مع حرصى عليه لم أفلح فيه ، والأغرب أننى لم أعرف لذلك سببا .
                                            وإلى شخبطة جديدة




مع خالص تحياتى : عصام  

              القاهرة فى يونيو ٢٠١٧