music

الأربعاء، 1 أغسطس 2018

شخابيط على جدران الجموح (6)


تعجبنى الحالة التى تبدعها فى كل ظهور لها ، كأنها تريد أن تشعرنى بقوة حضورها وما يفعله بى تواجدها ، ويدهشها إحساس السعادة الذى يملؤنى لحظة رؤيتى لها ، وشعورى ناحيتها ، فكلانا يرى نفسه  فى عيون الأخر بزاوية معينة مسكوت عنها ، ولكنها موجودة بداخل كل منا بشكل آمن أحيانا ومحير فى كثير من الأحيان . أنا عن نفسى أراها هكذا شخصية عفوية تتعامل بتلقائية شديدة .. منطلقة وبسيطة إلى أقصى حد ، تبدو للجميع سهلة وقريبة ، وفى نفس الوقت صعبة وعنيدة ، هى بالضبط كحلم هلامى ، مهما سعدت به فإنه يطير فى التلاشى كفقعات فى الهواء ، من يعرفها لابد أن يحبها ، ويحب روحها ، وكل من يرتبط بها لابد أن تكون مشاعره تجاهها أرقى وأجمل من أن يحاول إخفاءها ، إذ رسخت فى نفوسهم احساسا بأنها دائما فى الجوار ، تاركة لهم مساحات شاسعة يفسرون فيها مايعن لهم ويدور فى أذهانهم من أهواء ، ولم أغضب عندما كانوا يخبروننى بذلك عنها . فهذا يعطينى ثقة بأن اختيارى لها كان صحيحا . غير أن كوامن الغيرة كانت كثيرا ماتنغص علىّ حياتى وتجعلنى كالمشدود بين حبلين يجذبنى كل طرف منهما جذبا بقوة واحدة فلا إلى يمين ولايسار ولا إلى راحة ولااستقرار ، هكذا إلى غير نهاية  ، وضاعف من هذه الحالة ذكاؤها الحاد وطبيعة ذهنها وتفكيرها الهادئ بتؤدة ، فهى من الذكاء والدهاء الأنثوى بحيث لاتُقدم على عمل يختلف فيه الوجهان ولاتقبل أبدا التضليل ، وهى فى تفكيرها وطبيعة ذهنها تخلق كل الاحتمالات الكثيرة ، وتختار منها مايناسب منطق عقلها .
إن الخيال استبد بى حتى أصبحت لاأفرق بينه وبين الحقيقة .. أصبحت أتصورها بطلة لكل شيئ أكتبه ، وأن كل خاطرة أكتبها ماهى إلا خطاب مفتوح لها دون أن أرسله إليها . ولم لا وأنا لم أجد من يبرز فى خيالى وأنا فى حيرتى إلا سواها ، إننى لاأدرى لماذا أفكر فيها واحتاج إليها كلما تعقدت الحياة حولى رغم أن ظروفى غير ظروفها وبجميع النظريات الحياتية ألا نلتقى فى شيئ ، ومع ذلك بدت لى وكأنها الإنسانة الوحيدة التى تستطيع أن تدلنى على طريقى ، وكأنها الإنسانة الوحيدة التى تعلم كل شيئ عن الحياة .. حياتى .



القاهرة في أغسطس 2018