music

الجمعة، 26 أكتوبر 2018

فى ظلال الخريف



ينبت الزهر فى الربيع 
ويخرج من أكمامه
رَيّا بديع
يلاطف المدى
وعلى الغصن الفريع
رفت أفواف كاساته 
 تُراقص الهوى 
وفى المُروج الوديع
زهو أقحوانه
مُفلج الشِفاه
يداعب الندى
...



نسمات من نشج بديع
باسم الثغر غرير
حامل البشائر مليح
على البساط ارتوى
والورد والريحان
بين الخمائل
من الفجر إلى الهزيع
ناغضا الطرف استوى 
والطل فوق الياسمين
وبواكير الفل
ممددة الخطا ذريع
على الأرض احتوى
والدوح والصفصاف
والسوسن على الضفاف
عبق أريج الربى المطيع
برحيقه الحلو اكتوى

... 


والبلبل الصداح
للأغصان شفيع  
يصيح بهدير يترنم
محلقا فى الآفاق المخيم 
يداعب الصبا بفنه الرفيع
حتى أمسى الربيع غيومه
وعند باب الخريف 
لاحت سهوده
يبكى صبابة المُغرم
ويلقى بقايا نبتاته 
ثُلة من نبت ضريع 
...


والليل غابت عنه الأنجم
وتوارى فى الظل أماله 
والوقت يمرق أمامه
كالسهم النافذ السريع
فتجهمت الأمانى
وترعرعت آلامى
واشتد الجوى
من واقع الفراق المريع 
...



مرتع الشبيبة انزوى
لفَظَ الفرح وانجلى 
بقايا آنات عاطرة
زفرات أنفاس حائرة
لعنفوان وجد قد خبا
بمشاعر الأحبة قد هفا
شعاع يتوارى فى الأفق
غارق فى غسق المدى
تحفه شمس الغروب
وأنواء الدجى
ليبق شعاع الأمل
وقناديل السنا
مذ حط شحوب المسا 
توقظ الحنين

...

لازلت اتمسك بظلال حلم
أكلته الظلمات
ينثر الشمس رفات
يركم سحب الأمانى رماد
باحثا عن بصيص من ضياء
لتخضر الأرض الموات
آتيا بفرط حنين الذكريات
كاشحا عن صدرى 
بُعد المسافات
حالما ببعض النهار
والوقت الذى أنهار
وثمة ليالى 
لها من نسيم الهوى 
أسحار
كانت تروق لى ..
تلوح بى ..
تتراقص أمامى
بخواطف الحركات
...


وهاآنذا
أقف من زاوية الشحيب
هناك فى الركن الكئيب
أرقب عنقها الجميل
يتمايل على غصن الأمانى
يتحرك .. يتراقص أمامى 
بزيها الأخضر الفسيح
لتسكن كبريائى ..
بالكاد أرمق نظرة 
من ملامح ممتعة
فى الفتنة والجاذبية .. ناعمة
فواحة .. لواحة .. فاتنة
ملساء .. همساء .. حالمة
أشاعت فى نفسى بهجة
راحة برجفة واجفة
أنا .. مثل حروفى ..
مثل نظراتى .. 
مثل أنفاسى ..
لاهثة 
...

كنت أرمقها وردة حالمة
أنبتُها فى أرض جادبة
وأسقيتها من نهر العبرات
من همسات مؤلمة
من جرح القلوب
ودمى الحدقات 
وجوانح لم تبق سالمة

فتولت .. 
ومن بعدها الشتات
ولم تبق إلا سيفا
لايترك وراءه إلا الطعنات
طعنات الغدر والهجير
وبُعاد المستجير
ومنع الطيور من المجيئ 
ووأد الربيع فى المهود 
قد يمضى زمانا ويعود 
وربيعى ولى مدبرا
وغادر الحدود
بِلا ثمة أمل ولاعهود
ولم يركن يوما للخلود
فالصِبا مضى 
وهجر الوجود
وترك القلب مصفود 
آنس السقيع والبرود 
والشحوب المكتسى 
على الخدود
ولكنه لم يعرف يوما 
معنى الجحود
ولايملك من حطام الدنيا 
إلا المشاعر الطيبة 
وفكر ودود 
حتى صرت للناظرين
حلما بآفاق السرور
ونغم الحبور
يبدعه المحبون
يراقصه العاشقون 
حلما يملأ الصدور 
وشذا لأحاديث الليالى 
عن ذكريات ذى شجون
...

 هاآنذا
أبدو وقد خارت قوايا
وأصبحت فى الحنايا
أستريح ..
واحتجبت عن منايا
فى مخدع الريح
تبدل صوتى الصدى
ومن أغنياتى الفحيح
وفى عالم الوجدان 
مجرد ذكرى
وفى دنياك 
بعثرة هواء 
وفكر كسيح
...

لاتلوموا الخريف 
لو عشق الزهر 
وتاقت عيونه بجماله
لاتلوموا قلبا 
عشق يوما وهج الحياة 
وقاده الشوق لألامه  
ومن العشق 
يلملم عذابه
لاتلوموا نفسا 
هامت حبا 
لبريق وهم 
عشقت سرابه 
...


لاتلوموا حبا 
أشعلت من أجله 
حطب الأيام 
حرائقه ..
واقتلعت الخوف 
من نبض القلب 
براثنه ..
ولكنى أدركت 
أن عشق الهوى
مثل الدنيا 
وهم لايدوم
استبقك على الحزن 
مهموم
وتركك بالحلم 
مذموم
ينشد الأمل
بالرمق الأخير
وهم مزعوم
لايبقى له أثر
إلا بقايا من عطور .

مع تحياتي: عصام  

 القاهرة في أكتوبر 2018