music

الأربعاء، 26 ديسمبر 2018

أسألنى عن الحب .. أجاوبك




ماالحب ؟ سؤال كنت أسأله لنفسى كثيرا كلما دخلت في علاقة نسائية جديدة ، نعم كان لى فى شبابى علاقات كثيرة قبل الشروع في الزواج وتربية الأولاد والإنخراط في نسيج الحياة ورتابتها ، أيام كانت لها في حياتى تطلعات ووهج ، كنت لاأجد حرجا في الحديث معهن عن الحب باعتباره إحساسا نبيلا ومشاعره طيبة ، فهل أنا فعلا كنت وقتها أحب ؟!! أتذكر أيامها أننى كنت احتار كثيرا كلما حاولت أن أجد إجابة أقنع بها نفسى بأننى أحب ، ومثلى كان يحتار كل أصدقائى وصديقاتى كلما جاءت سيرته ، ورغم ذلك كانت لأحاديثه متعة كبيرة عندما نفيض فيه ، وماأكثرها أحاديث تجد في نفوسنا هوى ، لأن قلوبنا كانت تتقاذفه بلهفة وشغف مثلما كان يجد له متسعا فى حديث المحبين ومنسربا عند العاشقين ، ومكانة عند الوالهين ، فالكل يتمناه ويُسعده أن يجربه ويعيش أيامه الدافئة ولياليه الحالمة ورومانسياته العالية ، وكنت أسمع فيه كلاما كثيرا ، كل واحد فى دنيا الحب يستطيع أن يقول مايراه هواه وماتشعر به نفسه ، فوجدت أن المنظور لرؤية الحب تختلف تماما من شخص لأخر وفقا لواقع تجاربه الشخصية ، وحتى عند من ينكره أو يتظاهر بإنكاره كان يجد له منطقا وتفسيرات عقلية تبرر سبب هذا الإنكار احتراما لهذه العاطفة النبيلة لأنه لايمكن إنكارها على الدوام ، لتكتشف أنك أمام أصعب سؤال يمكن أن توجهه لنفسك أو للأخرين .. فالحب ارتباط إنسانى وجدانى يخفق له القلب ويهتز له العقل ، وغرائزى فطرى لدى بقية المخلوقات ، فالكل يريده ويتمناه .. ليست له هوية ولا وطن ولايرتبط بزمان ولا مكان ، وليس حكرا على أحد ولايستطيع أحد امتلاكه ، فهو الطائر الهائم على وجهه السابح في ملكوت الله بحرية تامة وانطلاق بلا حدود ، يجوب سماء الدنيا بلا هدى ولاسبيل ، وأهله هم من يهبط عليهم ، إنه يذهب لمن يجد راحته عندهم ، ويختار من بينهم ماشاء له أن يختار ، ويرحل عن مالايجد نفسه بينهم ، إذن من الصعب أن نجد تعريفا محددا لماهيته .



علماء النفس يصفونه بأنه شيئ يتعلمه الإنسان ويمارسه فى حياته ، إلا أن معظمنا يقضى حياته فى محاولة العثور عليه ولكن لاجدوى ، فإننا نحيا ونموت دون أن نكتشف حقيقته ، قد يرى البعض منا الحب فى أحلامه .. في طبيعته الرومانسية الرومانتيكيه العاطفية التي تؤثر الحسّ والعاطفة على العقل والمنطق والإعلاء من شأن الخيال ، فكل من يقع فيه يصبح فى حالة من الهيام والاحاسيس الفياضة فيحلق فى سماء وجدانه وتنطلق أحاسيسه كفراشة تهيم شوقا حول ناره حتى تحترق فى لهيبه ، حب من النوع الذى نقرأه فى قصص إحسان عبد القدوس وأشعار نزار قبانى ، ونسمعه فى أغانى عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وعبد الوهاب وفريد وشادية ونجاة الصغيرة ، ونراه فى السينما من خلال القصص الرومانسية ، أحساس طاغى يظل القلب فيه ينبض ويدق على رأسك بقوة ويؤرقك بالليل ويجعلك شاردا بالنهار ويحول حياتك كلها إلى فوضى ممنهجة تتوه فيها مع الأيام والناس .. وتتغير كل مقدرات حياتك ، لكن هل هذا هو كل الحب ؟ وهل إذا جاءك  يلازمك بعض الوقت أم كل الوقت أم طول العمر ، بمعنى لو عشته هل يدوم مع الأيام أم يموت معها ؟ المؤكد جدا أن مانقرأه فى القصص ، ومانسمعه فى الأغانى ، ومانراه فى السينما ، وما نتخيله ماهو إلا لحظات من الحب .. صحيح قد تكون لحظات حادة .. عنيفة .. متحمسة .. ولكن الإنسان لايمكن أن يكون حادا أو عنيفا أو متحمسا طول الوقت .. ولا كل العمر .


قد يتصوره البعض أنه هو كل شيئ فى الوجود ، والبعض الأخر يرى الحب فى العطاء ، فى التضحية ، فى إنكارالذات ، أى أن تعطى أكثر مما تأخذ ، وأن تضحى بسعادتك و تنكر ذاتك طالما هذا يتوقف عليه سعادة الحبيب ، والبعض الأخر يرى أن الحب استحواذ وأنانية فالإنسان الذى يحب لايحب في الحقيقة إلا نفسه وسعادته هو فقط ، ومادام من يحبه سيحقق له السعادة بقربه ، فإنه لهذا يحبه ، وهناك أيضا من لايعترف به مطلقا ، ربما لم يصادفه أو صادفه ولم يغتنمه ، أو مرت عليه تجربته وفشل فيها سواء كانت بالغدر أوالخداع أوالخيانة إلى أخره . وهكذا تختلف الآراء فى مفهوم الحب ، أو المنظور إلى الحب ، أو الظروف التى يمكن أن يعيش فيها الحب ، ولذلك نجد الكثيرين لايهتمون أن يعرفوا ماهية الحب بقدر مايهمهم أن يتذوقوه ويعيشوا حياتهم كلها فيه ، لأن الحب ببساطة عندهم ممارسة وليس فكرا .


ياترى ما السر فى تلك الكلمة العجيبة التي تتشدق بها شفاه الكثيرين من البشر ، وتكاد تنخلع لها قلوبهم وتتفتح بها مسام حياتهم وتغريهم ؟ ، إن الذى أعرفه أن الحب يأتي بالفطرة ، فلا تستطيع أن تقرر أنك ستحب ، ولا تنتظره ، قد تنتظره ولا يأتيك ، ولا تبحث عنه ، فمهما بحثت عنه فإنك لن تجده .. بل هو الذى سيبحث عنك ويأتيك به القدر ربما مرة فى زيارة خاطفة ينعش بها أحاسيسك .. أو فى مرة عابرة  ينبهك فيها أنك لازلت تحمل قلبا ينبض فتحس بنبضاته تزيد ويحرك عندك كل السواكن .. وقد يأتيك مرات أخرى فى زيارات أطول تنضج بها مشاعرك ، بعدها يهبط عليك فجأة ليستقر عندك إلى الأبد . والذى أعرفه أيضا أنه لايقتصر على مرحلة عمرية معينة ، فقد يأتيك فى مرحلة متقدمة أو في أواسط العمر أو في مرحلة متأخرة من حياتك فتختلف الرؤية إليه وفقا لنضوجك العقلى واستيعاب قلبك لتجاربك الحياتية ومدى تفاعلها وتأثيرها على حياة الأخرين ، يومها تستطيع أن تقرر ماهو الحب من منظورك أنت وتجاربك الشخصية تبعا لقيم وأخلاقيات الأخر مما عرفتهم وصادفتهم من خلاله ، وتظل تسأل نفسك في كل مرة ومع كل تجربة تصادفك هل هذا هو الحب أم لا ؟ وهل هناك ألوان أخرى منه ، أى هل هناك أحاسيس ومشاعر أخرى موجودة ومختلفة عن هذا الذى نحسه ونشعر به ، أم أن الحب إحساس واحد وشعور واحد ؟ ولو أن الحب احساس وشعور واحد ، فما معنى وجود النزوات والرغبات ، وحب استطلاع الأخر ، والعلاقات العابرة المثيرة التى لاترقى ولاتندرج تحت أي مسمى وهى حالات تعترى البعض ويظنون أن مايشعرون به  هو الحب ، لأنها تحمل نفس أعراض ومظاهر الحب ، ثم يكتشفوا بعد ذلك أنه ليس حبا ، كيف عرفوا ذلك ؟ وكيف نفرق بين الحب الحقيقى والحب غير الحقيقى ؟ .




قد يطالعنا سؤال آخر هل الحب يأتى بجمال الخلقة أى بالجمال الحسى أم بتجاذب الأرواح ، أم بتوارد الأفكار ، أم بخلاف كل هذا بدعوى أن الحب ماهو إلا عملية حسابية يخضع فيه لمسائل وقياسات عقلية بحتة ، أى أن الذى يديره هو العقل وحده ، فهو الحب العقلانى ، أو حب الصالونات الذى غالبا ينتهى بالزواج التقليدى ، وإن كان هذا النوع يعيش في بوتقة الحياة التى تمتزج فيها النفس مع الروح ، ويتواءم مع العشرة وينمو مادامت الأيام ، محققا بذلك أسس التفاهم بالاتفاق ، والحب على هذا الأساس يكون له ثوابت ومعايير ، والحق أن الحب لاتوجد له ثوابت ولامعايير . فهو من الأمور النسبية ، وترجع نسبيته لاختلاف طبيعة الشخوص ورؤيتها ، وعلى ذلك فإن تعريفه يختلف من شخص لأخر ، وفقا لمعايير بيئية ونفسية أى ترجع لطبيعة ظروف الشخص نفسه الاجتماعية ، وبيئته المحيطة ، وتركيبته النفسية ، واستعداداته واحساسه بطبيعة الناس والأشياء ومنها الحب . وتبعا لذلك بل ومن المؤكد أن للحب ألوانا كثيرة ويأخذ أشكالا متعددة ، قد تتشابه أعراضه ومظاهره .. كالخفقان فى القلب ، وجموح الخيال ، وسهر الليالى ، وسرحان بالنهار .. ولكن تختلف دوافعه وأهدافه حيث تُشكل وفقا لهذه المعايير وحظوظ الناس منه ، فالمحظوظ هو الذى يصادفه الحب ويعرف قيمته وتغمر روحه قبل أن تنعم به حواسه وجوارحه .. والتعيس هو الذى  يتمناه ويظل طول حياته ينتظره ولايأتى .. والخيالى هو الذى يظن أنه يحب فتسرح أحلامه ويتمادى فيها حتى تستغرقه ، ويظل يرفض واقعه حتى ينفصم عن الحقيقة.. والمغرور هو الذى يظن أنه يتعين على الناس أنها تحبه ولا شيئ بعد ذلك يهم .. والمقهور هو الذى يظن أنه لايمكن أن يُحِب أو يُحَب ، ودائما يفتقر إلى الثقة بالنفس ويظل يرى شخص الحبيب فى برج عالى وهو فى أخمص الأرض ، ويفتقد دائما للتطلعات والآمال .. والرومانسى يظن أنه لايرى غيره ولديه فلسفة عجيبة لتفسير الأشياء ورؤيته لها ، وهذا النوع الأخير هو أخطر أنواع الحب لأنه مثل الأخطبوط لو أطبق على إنسان لا يتركه إلا بفاجعة أو وجعية ، ومن تداعياته ووساوسه الكثيرة : الغيرة والشك والخوف والألم والفراق والانتظار والقلق والحيرة ، وفيه أيضا يرى الإنسان حياته كلها وردية جميلة .. ناعمة وهادئة ، فالحب عنده يراه فى كل شيئ ، ويعيشه تحت أى ظروف ، وأحيانا يبالغ فى استغراقه مثل الخيالى ولكنه يختلف عنه فى أنه يعيش جزءا منه فى الحقيقة ، والجزء المتبقى يعيشه فى الظل .. أى فى حياة موازية من خلال أحلامه الياقظة ، عالم أخر من الحب المُتخيل أو الخيالى وهو حب كل خطوطه مستنسخة من الحقيقة يعيد الخيال ترتيبها وتنظيمها من جديد فى شكل عالم افتراضى متكامل يحقق الإنسان فيه كل مايتمناه ويريد أن يحققه مع شخص الحبيب ، فيقع أسيرا فى حب صورته المتخيلة الجميلة ويترك الصورة الحقيقية ، لأنه لن يجد مايماثل هذه الصورة المثالية الكامنة فى خاطره على أرض الواقع .. فالحب الرومانسى هو الذى يجمع كل المتناقضات والحساسيات فى وقت واحد بحدة وعنف ، ولايقبل الوسطية أو أنصاف الحلول . 


إذن الحب هو من كل هذه التركيبة الغريبة ومن هذا المزج العجيب الذى لا نستطيع حصره واختزاله فى مفهوم واحد وإلا نكون قد أفسدنا على أنفسنا الكثير من متع الحياة ، لأن الحب مزيج من عناصر حياتية كثيرة تُحس ولاترى ، ولذلك نجد الكثيرين ممن يتشدقون به لايعرفونه ، والقليلون من الناس يملكون هذه العناصر ويصبحون قادرين على تركيبة الوصفة السحرية فى أنفسهم ، هؤلاء هم من يجدون الحب عندهم ، ولو سألتهم كيف تشعرون به سيقولون لك : إنه يحول نبض قلوبهم إلى أجراس توقظ الجسد النائم ، وتطلق الخيال السجين ، وتلون العالم الباهت بألوان الطيف وتشعر بإحساس راق بالجمال .. إحساس يفوق البشر حينما تجد الطرف الأخر الذى يقدر مشاعرك ويفهمك ، فتشعر معه بشيئ غريب يحتويك ويسرى بداخلك ثم يتألق ، بعدها تتغير كل طرق حياتك ليصبح طريقا واحدا تجد فيه من يسير معك ويقاسمك المشوار الطويل مع الأيام ، وكلما مر عليه الزمن تنضج عاطفته ، وتتلاءم مع النفس فى كل مراحل حياتك .. عندئذ تستطيع أن تقول أنك التقيت بالحب الحقيقى ، فلو وصلك هذا الإحساس ، إذن أنت الأن تحب . 



مع خالص تحياتى : عصام
القاهرة في ديسمبر 2018





الاثنين، 26 نوفمبر 2018

كأنك هنا



فى ليالى البعاد
الحب يستلهم الفؤاد
بأجمل ذكريات
تميل لها النفس
وتحبها الذات
ويحمل لها
شغاف القلب
كل معانى الوداد
لفاتنة الأشجان
كان لغيها ملذات
وحُسن رؤى
وثغر تنفرج له
الابتسامات
وجمال يضج له
أديم الوجه
وقوام تختلج له
الوسامات
أتطلع إليها
كل يوم وليلة
فتشرئب صوبها
الهامات
حتى تلاشى
من المكان
بون المسافات




كنت
أرقب كل مساء
جوها العاطر
شريدة الفكر والخاطر
في مخمل المحب الناطر
الواقف كالسيف الباتر
والقوس الواتر
متحفز الأهواء
ربما الأقدار تجمعنا
والعين ترى
والأذن تسمعنا
والحب يدنو منا
والقلب يعيها 
والعقل ينهانى  
من واقع 
التبس فى خيالى
يريد احتباسى
بين جدران وسؤال
أين هى !!
يستل من بين جوانحى
ملمح الجواب
يتوارى بين شطوط البعاد
متوهم وجود اقتراب
كأنك هنا



نعم .. كأنك هنا
وردة للصبح تتفتح
ترتشف الندى
تأتنس بالصبح البهيج
بضحكة الربيع
بنسائم الفجر الضحوك
تتغنى بثغر حلوها
نغما يغوص كوامن نفسى
فتطيب
تتفيح بعطر خيالها
أريجا يملأ أغوار روحى
فتذوب
تقفز فى طيات الهوى
حلما يفيض بضياء طموح
اتنبه
أن الشمس بلا سطوع
والأرض جدباء
بلا سطوح
وصرصرة ريح
تجاذب الفروع
ووحدة تقاسم
ضوء الشموع
وغربة نفس
تناشد الدموع
أين هي 
مربضة القلوب؟!
ترددها الأصداء المهاب
أتجرع دنيا العذاب
تارة تباعدنى
فتطيح الأفكار منى
وتراودنى أحاسيسى
وتارة تدانينى
أفرح فتنفرج أساريرى
بأنها ستعود
ولسهر الليالى تقود
للهوى تباريحى





منتظر أنا 
مرساله فى البريد
تأتى سحابة الغيم
تحاصرنى من جديد
أغوص فى درب الخوف
والبعد الوليد
أخاف قيود المكان
والوحدة 
وطول الطريق
ونار الهجر
لو انطلت حيلته
طال القلب بالحريق
لازلت أبحث عنها 
على حافة الزمان
بهُيام المحب العشيق
ينشد بالأمل المستحيل
ويشارف بجسارة 
بحر الهوى العميق
الذى لانجاة فيه لعَوَّام 
ولاغريق
أتيه فأستريح
أمر غريب
لازلت أجوب الكون
وأجهل مصير كريب
هل أنت هناك أم مثلى
ضللت الطريق
لقد تحلل الصبر منى
وذهب عنى البريق
وبقيت وحدى
بلا صحبة ولارفيق
وعصفت ريح التلاشى
بقلوبنا رقيقة الحواشى
وتحررت أطيافنا
من أسر الرقيق
ودقت الدفوف
على أوتار السهاد
بلا حد ولاسقوف
حتى طال الانتظار
ومللت الوقوف
سؤال ومن ورائه الدروب
هل الأيام تقربنا أم تباعدنا
أم سأظل هكذا
فى الثبات قلوق
فقلبى لايعرف الحقد 
ولا عقوق
ورغم قلة الحيلة
لم يوقف للحب مسيرة 
ولا حقوق
بل مضى 
بلا تردد ولا حيرة 
حتى صار تذكارا 
على السُكُوك



أستتر
تحت خيوط الأمانى
فتنسل كل أحلامى
كرا من أمامى
لأنسج منها ثوبا
من فكرى وخيالى
وألمح بعين زائغة
صورة مستعادة 
عبر المدى
من صنع أشجانى
ضاقت بها الحدود
فالكون كله
يضيق ويتسع
من وهج أحزانى
يعلو ويهبط وينزوى
على مشهد إنسانى
يعجز الكلام عن تسطره
والأفكار تكتنفها غيوم
وسحائب نسيانى




فجأة !!
تنفرج من وجهى
الأسارير
فاستعيد ملمحها كمرآة
كل زواياها
من صنع تليد
أحاول نقشها
على صفحة ماء الغدير
إطلالة من نافذة الحب
الذى يتوارى
من جدب الحنين
من قلوب عطشى
من حالى المريع
لامحال لى ولاسبيل
أرى غيرى يرتوى
من شهد نبعه
وأنا لامورد لى ولاريق



أيتها الحالمة
فى أشعارها وقوافيها
عرفت منك العشق
أودية فسيحة
والبحر فى هواك
أمواجه يجاريها
وبسر هدير الهوى
يجد أجمل معانيها
فتهوى شواطئها
وتغرقنى
والماء لايدنيها
وينتشلنى حبك
من بحر أحزانى
وظلمة فيافيها



أيتها القابعة
فى أوردة قلبى
وشرايينه
هل أنت هنا
أم لازلت هناك
لقد سئمت الوقوف
وسئمت المكان
تعال ..
عبر الحدود ..
عبر الزمان
تعال ..
كما يقبل الشروق
على الجنان
أقبلى كى أحسم العلاقة
بين الواقع والخيال
بين الحقيقة والمحال
تعال ليكون الفرح
أو الارتحال







مع خالص تحياتى : عصام
القاهرة في ديسمبر 2018





الجمعة، 26 أكتوبر 2018

فى ظلال الخريف



ينبت الزهر فى الربيع 
ويخرج من أكمامه
رَيّا بديع
يلاطف المدى
وعلى الغصن الفريع
رفت أفواف كاساته 
 تُراقص الهوى 
وفى المُروج الوديع
زهو أقحوانه
مُفلج الشِفاه
يداعب الندى
...



نسمات من نشج بديع
باسم الثغر غرير
حامل البشائر مليح
على البساط ارتوى
والورد والريحان
بين الخمائل
من الفجر إلى الهزيع
ناغضا الطرف استوى 
والطل فوق الياسمين
وبواكير الفل
ممددة الخطا ذريع
على الأرض احتوى
والدوح والصفصاف
والسوسن على الضفاف
عبق أريج الربى المطيع
برحيقه الحلو اكتوى

... 


والبلبل الصداح
للأغصان شفيع  
يصيح بهدير يترنم
محلقا فى الآفاق المخيم 
يداعب الصبا بفنه الرفيع
حتى أمسى الربيع غيومه
وعند باب الخريف 
لاحت سهوده
يبكى صبابة المُغرم
ويلقى بقايا نبتاته 
ثُلة من نبت ضريع 
...


والليل غابت عنه الأنجم
وتوارى فى الظل أماله 
والوقت يمرق أمامه
كالسهم النافذ السريع
فتجهمت الأمانى
وترعرعت آلامى
واشتد الجوى
من واقع الفراق المريع 
...



مرتع الشبيبة انزوى
لفَظَ الفرح وانجلى 
بقايا آنات عاطرة
زفرات أنفاس حائرة
لعنفوان وجد قد خبا
بمشاعر الأحبة قد هفا
شعاع يتوارى فى الأفق
غارق فى غسق المدى
تحفه شمس الغروب
وأنواء الدجى
ليبق شعاع الأمل
وقناديل السنا
مذ حط شحوب المسا 
توقظ الحنين

...

لازلت اتمسك بظلال حلم
أكلته الظلمات
ينثر الشمس رفات
يركم سحب الأمانى رماد
باحثا عن بصيص من ضياء
لتخضر الأرض الموات
آتيا بفرط حنين الذكريات
كاشحا عن صدرى 
بُعد المسافات
حالما ببعض النهار
والوقت الذى أنهار
وثمة ليالى 
لها من نسيم الهوى 
أسحار
كانت تروق لى ..
تلوح بى ..
تتراقص أمامى
بخواطف الحركات
...


وهاآنذا
أقف من زاوية الشحيب
هناك فى الركن الكئيب
أرقب عنقها الجميل
يتمايل على غصن الأمانى
يتحرك .. يتراقص أمامى 
بزيها الأخضر الفسيح
لتسكن كبريائى ..
بالكاد أرمق نظرة 
من ملامح ممتعة
فى الفتنة والجاذبية .. ناعمة
فواحة .. لواحة .. فاتنة
ملساء .. همساء .. حالمة
أشاعت فى نفسى بهجة
راحة برجفة واجفة
أنا .. مثل حروفى ..
مثل نظراتى .. 
مثل أنفاسى ..
لاهثة 
...

كنت أرمقها وردة حالمة
أنبتُها فى أرض جادبة
وأسقيتها من نهر العبرات
من همسات مؤلمة
من جرح القلوب
ودمى الحدقات 
وجوانح لم تبق سالمة

فتولت .. 
ومن بعدها الشتات
ولم تبق إلا سيفا
لايترك وراءه إلا الطعنات
طعنات الغدر والهجير
وبُعاد المستجير
ومنع الطيور من المجيئ 
ووأد الربيع فى المهود 
قد يمضى زمانا ويعود 
وربيعى ولى مدبرا
وغادر الحدود
بِلا ثمة أمل ولاعهود
ولم يركن يوما للخلود
فالصِبا مضى 
وهجر الوجود
وترك القلب مصفود 
آنس السقيع والبرود 
والشحوب المكتسى 
على الخدود
ولكنه لم يعرف يوما 
معنى الجحود
ولايملك من حطام الدنيا 
إلا المشاعر الطيبة 
وفكر ودود 
حتى صرت للناظرين
حلما بآفاق السرور
ونغم الحبور
يبدعه المحبون
يراقصه العاشقون 
حلما يملأ الصدور 
وشذا لأحاديث الليالى 
عن ذكريات ذى شجون
...

 هاآنذا
أبدو وقد خارت قوايا
وأصبحت فى الحنايا
أستريح ..
واحتجبت عن منايا
فى مخدع الريح
تبدل صوتى الصدى
ومن أغنياتى الفحيح
وفى عالم الوجدان 
مجرد ذكرى
وفى دنياك 
بعثرة هواء 
وفكر كسيح
...

لاتلوموا الخريف 
لو عشق الزهر 
وتاقت عيونه بجماله
لاتلوموا قلبا 
عشق يوما وهج الحياة 
وقاده الشوق لألامه  
ومن العشق 
يلملم عذابه
لاتلوموا نفسا 
هامت حبا 
لبريق وهم 
عشقت سرابه 
...


لاتلوموا حبا 
أشعلت من أجله 
حطب الأيام 
حرائقه ..
واقتلعت الخوف 
من نبض القلب 
براثنه ..
ولكنى أدركت 
أن عشق الهوى
مثل الدنيا 
وهم لايدوم
استبقك على الحزن 
مهموم
وتركك بالحلم 
مذموم
ينشد الأمل
بالرمق الأخير
وهم مزعوم
لايبقى له أثر
إلا بقايا من عطور .

مع تحياتي: عصام  

 القاهرة في أكتوبر 2018