music

الجمعة، 22 فبراير 2019

فى رحلة البحث عن حلم (3)


إنها كلمة واحدة تترجم كل احساساتى تجاه وجهك الباسم المضيئ كطلعة البدر ليل اكتماله ، وزهرة يانعة تفتحت في ليل الربيع يوم ميلاده ، وكيانك الذى يجمع بين المرح والإتزان ، وطموح يقود خطواتك بثقة واقتدار ، إحساساتك الثرية التى استشفها فى ارتعاش الكلمات من فوق شفتيك ، وعلى أوراق الورد التى تنثيرنها كل يوم وليلة تحت قدميك .. منظومة رومانسية كاملة .. ثرية وجميلة ، هى نزعتك التى تتحلين بها فى الحياة إلى حد الإفراط ، فتؤثر فيك أبسط الأشياء . إننى أرى فى كل قصائدك التى تسطرها أناملك أن مصدرها الحب والإلهام ، تكتبينها بإقتدار وحرفة وذكاء ، والشعر إذا لم يهز القلوب والأذهان فهو ليس شعرا ، وإنما الشعر عبارة عن رقصة عاطفية وعقلية ، كلمات موسيقية تنساب من الخاطر على أوتار الوجدان إذا كانت بصدق وعفوية ، وأنا عن نفسى وجدت فى كل ماتكتبينه من أشعار عبارة عن إيقاعات راقصة من خلال الملامح التعبيرية المشحونة بالانفعالات الكامنة ما وراء الواقع وإلى ما وراء الخيال كذلك ، وكأنك تريدين اختراق الأشياء برؤية مغايرة لواجهة الحب .. رؤية تبحث عن التحرر النفسى بوعي تجانسى ايقاعي متناغم ما بين توليفات الكلمات والإيقاعات الحسية المتعانقة داخل قلبين ، يخترق الحب فيه الأشياء وينفذ إلى القلوب وكأنه حلم ، فالحب ماهو إلا حُلم يحْلُم به اثنان ، يهيئ لهما أنهما أبعد مايكونان عن أعين الناس ، حلم جميل نجد فى لوحاته غنائيات خطوطه تغرد أنغاما ، وألوانه تنشد ألحانا ، وسطوره لم تنج من روائع الغزل ومثالية الإعترافات حتى صرتِ  حلما وغواية لاينجو منهما أحد .



أجدنى حينما أفتح نافذتك أطالع الغموض الذى تبدين فيه كل ليلة كعذراء الربيع الناعمة الذى يرسل إليها الندى أنفاسه فيحيل كل مافيها إلى عبير يتضوع ، لذلك أجدك كل يوم أكثر نضجا وأشد خوفا .. الخوف على القمة التى تدفقت علوا وسموا ورفعة بعد أن اعتليتينها وتوهجتين فيها لتصبحين أشهر من عرفه قلبى ، ومع مرور الأيام تتألقين حتى أصبحت لحنا يعزف على أوتار الأحباب والأصدقاء وكل الناس ، كلماتك دوما تمس قلبى ، وتثير بى أشجانى الكامن فى أعماقى منذ أعوام ، منذ أن كنت أبتسم للدنيا وللحياة وقبل أن اكتشف دهاليز اللاوتى عرفتهن قبلك لأكتشف الفرق الكبير بينك وبينهن من فروق وتناقضات ، ذلك ماكان يخفى وراء أقنعتهن ، والقدرة الرهيبة على التنوع والتلون فى المشاعر والأحاسيس بكل ماتنطوى عليها من كذب وصدق ، خداع وأمانة ، جبروت وضعف ، وخير وشر ، فإذا بك تُقبلين كما تُقبل الحياة ، ومن يومها وأنا أشعر بود كبير أحمله لك ، متابعا كل ما تكتبينه ، وما ترسمينه من خطوط لمواجهة مشاكل الحياة بفلسفتك فى استقصاء خلق عالم جمالى خاص أوجدتينى فيه بتوسيع الأفق وروح المغامرة في مواجهة إكراهات الظروف ، ليصبح الحب هو الرهان الوحيد الذى تغامرين به فى مواجهة الحياة ومن أجلى ، لذلك استحوذتى على مشاعرى بشحنة من الإعجاب .. كل مشاعرى حتى استبدت بى تماما ، كمشاعر الإعجاب التى تنطوى بوجدانى تجاه أمى وأبى وأصدقاء العمر .

هذه ببساطة أنت كما أراك ، وكما رآك قلبى حيث أقمتى الدنيا بداخلى وأرسيتينها ، نموذج فريد وصارخ للذى يحب بصدق ليصدق مايحب ، فأوجدتى نفسك فى نفسى ، وأيضا في نفوس الأخرين بمصداقيتك وعذوبتك وبخطواتك الثابتة الرشيقة ، تتواجدين بحسك الراقى وفنياتك العالية ، تتواجدين لتقولين لنا إنه بالحب والصدق يكون الطريق إلى السعادة ، والسعادة مجرد بداية لتألق النفس ، وللتألق مكانته السامية في النفوس المشوبة دائما بالخوف ، الخوف على هذا الحب الكبير من الإفلات أوالضياع ، حب لايقبل صاحبه سواه .


أحس الآن أنه كلما مر طيفك أمامى أن قلبى يقفز من صدرى إلى يديك ، دون أن يكون لى سلطان عليه ، إنه الحب الذى أجد لقربه مذاقا خاصا ، وأجد للمسة يديك فيه معنى آخر ، وحتى إذا لم يكن طيفك هنا ، فإنى أحسه وأسمعه وأراه وأتمناه ، كما لو أنه كان إلى جوارى ، فكل كلمة أكتبها لك وسادة من حرير ، وكل نظرة لعينيك أجدها سحابة ناعمة أتمدد عليها ، وكل ماتقولينه ، وما لم تقولينه  صادق ، وكل ماتؤكدينه لى ، ليس فى حاجة لتأكيد فإننى وثقت به وصدقته ، لأنه نابع من قلب أعرفه جيدا .. قلب ذاق طعم الحب وشعر بحلاوته ، لذا فقد أعطيته عقلى وقلبى وماتبقى منى لايهم ، تلك ماأملك .. ليتنى أستطيع أن أعطيك أكثر وأكثر .. ليتنى أستطيع أن أفنى فيك .. ليتنى كنت طيفا فأغزو خيالاتك الشاردة .. ليتنى كنت بسمة حانية لكل لحظة حلوة فى حياتك .. أو همسة رقيقة أداعب بها أذنك الصغيرة .. ليتنى كنت أستطيع أن أكونك أنت ياحبى الوحيد وأملى البعيد .
مع خالص تحياتى : عصام

            القاهرة في 20 فبراير 2019




الجمعة، 1 فبراير 2019

فى رحلة البحث عن حلم (2)


دعونى أعترف أنه ولأول مرة أعرف معنى حصار الكلمات ، وتكتل الحروف ووقوفها ضدى فى حشود ، وهى التي كانت دوما تلازمنى معظم الأوقات على مداد أوراقى ولمسات سنان أقلامى ، ولاترضى إلا بإرهاف عقلى ولاتعرف إلاامتطاء غير أناملى ، وهى التى كانت أيضا تختلس بلطفها محتوى أحلامى ، وتسلب قلبى بأداء حسن الأساليب  ، باعتبارها صديقة عمر ورفيقة سهر الليالى ، ونديمة كل الحوارات الداخلية بينى وبين نفسى ، لذلك كان حزنى شديدا حتى كدت أغرق  فى أعماقه بعد أن كبلت عنى كل الأوصاف والمعانى ، ثم تجمعت وتزاحمت في تظاهرات عارمة ضد فك قيود قريحتى من الإبتداع ، وعدم منحى إفراجا بعد أسْر أفكارى ، ولم تكتف بهذا بل باغتتنى وأحكمت مخارج ألفاظى حتى شعرت باختناق يزُم حلقى ، ويشتد في المساحات الضيقة قبل أن تبلغ فاهى لتنتحر وراء شفاهى بعد أن فقدت معانيها ولم تجد مايمنح لجماليات الوصف روح وصاله ، وحلاوة التعبير فى حسن أوصافه . إننى لأول مرة أعرف معنى انتحار الكلمات وراء الشفاه وغياب المعنى داخل الصدور ، وكيف تُكبت جماليات الوصف بين الضلوع ولاترى بعد جمال النور ، وتتوارى بين ظلمات الجوانح ، وطرقات مخارج الألفاظ من السفور ، ويئن القلب من ظلمة ووحشة الوحدة وتتوه عن أسماع وأعين الأخرين ، لذلك خذلنى التعبير على غير عادتى ، وتاهت منى الكلمات وأصبحت كالموج الأثير المتلاطم بعضها يعود ، وبعضها يذهب ، وبعضها لا يكتمل ، وبعضها يمحو بعضا ، وبعضها يلوح فى الأفق البعيد فى اشتياق . 


ماأصعب أن تقف عاجزا عند شيئ أنت تحبه وتجيده  وتمتلك مفاصله . لذلك حاولت الفكاك من هذا الإحساس واستجلاب قدر من إرادة شحذ الهمم كى أواجه به هذا التلعثم الفكرى المفاجئ الذى جاء ليوقف ماألفته من إطلاق العنان لخيالى السارح بالليل وهو الوقت الذى أكتب فيه وأترجم أفكارى عبر سحره الآخذ الذى يكتنفه غموض مثير ، ووجدت أخيرا وعرفت أن بُعد المسافات واختلاف الأجواء وجمال الروح هى السبب فى ثورة الكلمات ضدى ، فكلما جالت بخاطرى تهفو روحى حيث أكون وتسرح بى وتأخذنى لتبارح الهوى ، وعرفت أنه كلما بعُدت توقفت روحي عن عشق روحها ، فيتوقف قلمي عن عشق الحروف وتقبيل الورق ، ومعه أذوق مرار البعاد وهروب الكلمات ، كم هو مؤلم أن تعانى من الوحدة ومرار البعاد ولاتستطيع حتى أن تعبر عما بداخلك ، وراح ذهنى يفكر ويفند ذلك الشيئ الغريب الوارد من الخاطر والمنبعث من الافق ، الشيئ الذى تمتزج فيه البسمة بالدمعة فتلامس شغاف القلب وتهدى المشاعر وتحرك الخيال ، فكان لى أمل قطعت به الليالى أنها واحة لعمرنا أرانى قد فنيت به وداما ، فعرفت فيه عناق القلوب وتدافع الأرواح وتماوج النفوس ، وأن هذا الخاطر ماهو إلا باعث الهوى الذى كنت انتظره طويلا ، ولكنه يريد أبجادية جديدة غير التى أكتب بها ، ومفردات لم تعرفها أوراقى بعد ، وأساليب لاتُطرق لغيرها . فتعانقت روحينا فى حضن الليل حين عزفتُ على أوتاره، ورقصت عصافير الهوى على تغاريد المساء احتفاء بقدوم القمر ، وتألقت الأشجار فى سنا ضوئه وامتثلت الطبيعة كلها مابين سكون وحركة وعشق لهتاف تراتيل المساء ورهبته ، فلسواد الليل رهبة تختلط بأضواء المحبة في كل قلب ، وهدهدة فى كل روح . إننى لم أكن أعرف أنها كانت معى تحاصرنى بنظراتها الحزينة تارة ، والباسمة الحالمة تارة أخرى ، ولم أفطن أنها كانت تملأ المكان من حولى سحرا وتضفى على الليل غموضا غريبا وإن كان على مايبدو رائعا حتى استوعبت وجودها فى حياتى واستطعت أخيرا بعد هذا التلعثم أن أجمع شتات العقل وسويداء القلب وأحسم ترددى وأن أُقْدم على كتابة هذه الكلمات المتواضعة ، التى حاولت فيها أن أعيد بها اتزان إحاساساتى الجميلة الضائعة التي أفتقدها مقود صبوتى وزاغت عنى بلا سبب ، الأن هي تعود وقد اكتستها حُلة من الرقة والجمال والعذوبة ، كلمات زرعت العمر محبة وعشقا وإنسانية لم تتوفر لغير القليل من البشر ، إنها كلمات بدم قلب مدفوع لعشق فن الجمال ، وخيالات كانت منها وإليها صاخبة عارمة ، وليالى ساهرة أمضيتها والها هائما فى انتظار خواطرها التى كنت أُظهر دائما حاجتى إليها ، فأصبحت مدفوعا رغما عنى داخل بحور هواها ، وكلما غصت فيها تعمقت ، وكلما تعمقت أحس بضغطة الماء تشتد يوما بعد يوم وتحاصرنى ، كتلك الضغطة التى لايحسها ولايعرفها غير من ضاعوا فى أعماق بحار الحب أزمانا ، فإذا بى أتيه فيها ، ولكنى ضعت فى لحظات معدودة .

لكم راودنى إحساس حبك كثيرا وأنا اتمعن في خلق المساحات الوهمية من حولى  في رحلة البحث الطويلة عنك ، أردت أن استشرف حياتى بمحاولات دؤوبة للدخول إلى عالمك الذى لاأعرفه من خلال بوابة الحب ، في مغامرة استكشافية للتعرف على المجهول الذى يربطنى بك ، فالعلاقة التي تربطنى بك علاقة أزلية قديمة ، علاقة تكامل لايمكن الفصل فيها بينى وبينك ، فكل منا يفسر الآخر، إذ لا وجود لأحدنا دون الآخر . فكنت أصفو بنفسى كثيرا وأترك قلبى معها ليتحدثان عنك ويخفقان لك ويهمسانك ويعاتبانك ثم أعيد تأمل هذا الإحساس مرة تلو أخرى حتى لاحت لى الكلمات وتحولت لنبضات بعد سنوات جدب طويلة ، إننى أختزنتها لك في قلبى منذ زمن الوفاء وسأقولها لك هنا وسط هذا الركام من الإحاسيس ، وأمام هذا الزخم من طوفان المشاعر التي أحملها لك ، سأكتبت عنك وأنت تُقبلين بكل جرأة الحب وتقتحمين حياتى عنوة ، وتفتحين لنفسك كل باب من أبواب قلبى بلا تردد منك ، وبلا أدنى مقاومة منى ، فأصبح قلبى ساحة  بلا جدران .. بلا أبواب ولانوافذ .. بلا مفاتيح .. قلبى أصبح شفافا أو أصبحت هكذا عند اجتياحك له ، ثم فرضتى سلطتك وجبروتك عليه بعد أن مزقتى كل ستائر وحدتى وحزنى التى حجبتنى لسنوات تعبت من عدها ، وتعبت أيضا من محاولاتى المتكررة لدفعها يمينا ويسارا لكى أطل من ورائها بحثا عنك ، ولكن عبثا كانت محاولاتى ، حتى جئت واثقة الخطى ، وحطمت كل أوجاع الماضى ، وبكل ثقة الحب دانت لك حياتى ، فأعدت رسم خريطتها من جديد ، فإذا بها تتحول إلى جنة غناء مفتوحة الأبواب طول العام لاتعترف بفصول السنة ، يتعاقب الليل فيها ويتسرب منها النهار بغير حساب ، وأعقد يدى على قلبى اتحسس دقات قلبى بترقب الجديد أو المجهول الذى لاأعرفه ، فأسمعه همسا يردد ياحبنا .. ياحبنا . قلبى الذى تم غزوه بشعور خاطف منك فأتى على الفور بعمق أغوارى ، وتعمق صوتك أعماقى ، وأخترقت كلماتك شعورى وإحساسى ، ولمحت فى عينيك ترحيب القلب الشغاف ، وفهمت من لغة الصمت رنين الكلمات ، فأصبحت أنت الصديقة والحبيبة وكل أهلى وناسى ، كياننا واحد أنا وأنت فأصبحنا كجناحى طائر لايحلق فى الآفاق ولايهبط إلا بهما ويسرح ليلا ونهارا هائما ، ولايعرف أرضا ولاوطنا ولامرسى . أرأيتى كم أخذتنى الأمانى إلى هذا الحد ، فلاأقل من أن استجمع قوايا لأقول لك بكل بساطة شديدة " أحبك " تلك الحقيقة التى أصبحت واضحة المعالم ، لاحيلة لى فيها ، بل أحترمت سطوتها ، ومايبدو منى ليس إلا انعكاسا لمدى ماتعنيه هذه الكلمة من معان ومشاعر ، لقد كان حبك واقعا ملموسا فملك النفس ، ووقعت تحت أسره طواعية ، فأصبحت جزءا من ذاتى ، حقيقة فرضت نفسها بقوة على قلبى وعقلى ووجدانى .
مع خالص تحياتى :عصام

القاهرة فى فبراير 2019