music

الخميس، 28 يونيو 2018

شخابيط على جدران الجموح ( 4 )


معها دائما أراهن على مجهول لايربطنى به سوى تعلقى بها وإيمانى المفرط بضرورة الاحتفاظ بوجودها فى حياتى أيا ماكانت رغم أننى أعرف جيدا بأنه لاحلول ولا إجابات عن تساؤلات كثيرة ستظل معلقة ، أحاول إبعادها عن دائرة تفكيرى عمدا ، لأنها كانت تصادف دائما عدم معقولية أى شكل للارتباط ، فقراءتى الجيدة لكل تفاصيل حياتها الخارجية والداخلية تؤكد هذا ، ليبق قلبى رافضا ومعاندا ومكابرا لعنفوان الحقيقة التى ينحاز إليها عقلى بشدة ، ولكن الإستقواء بإحساسى وحدسى هما ماجعلا الأمر أكثر تعقيدا أمام هذا الزخم الذى يصل بى فى النهاية إلى اختيار المعادلة المنطقية الصعبة التى تؤكد بأنه لاقيمة لكل ذلك . كنت أقف دائما عند نقطة الوصول إلى فهم كل شيئ من خلال الموطن العقلى وأتعمد ألا أعرف عنها شيئا أكثر مما عرفته ، إننى لاأحتاج أن أعرف حقيقتها ولا إلى أى حد ستئول علاقتنا ، فكل ماأحتاجه منها أن تظل فى حياتى إشراقة أمل ، ونبضة حب عابرة .. سارحة حرة بين ضلوعى ، وجدران قلبى الفسيح .. طليقة فى عالم وجدانى آخر تتساوى فيه الأشياء .. وغير مكبل بقيود الحقيقة .

القاهرة في يونيو 2018

الأربعاء، 20 يونيو 2018

شخابيط على جدران الجموح (3)


فكرت يوما أن أرضى غرورى وأقدمتها لأصدقائى وصديقاتى ، حتى أرى فى عيونهم تقديرهم لذوقى فى جمال المرأة ورؤيتى لجاذبيتها وأنوثتها ، فأحس فى نفسى بنرجسية الفخر وهم يحسدوننى عليها ، ولكن تفاجأت بتجاوبها التلقائى معهم كأنها تعرفهم ، ورحت أسأل نفسى سؤالا كيف تجاوبت معهم بهذه السرعة وكيف هم أحبوها وأحبوا روحها إلى هذه الدرجة ، كنت أريد أن أرضى غرورى والشعور بالنشوى زهوا بينهم ، فإذا بالغيرة تداهمنى ، غيرتى خفية لاتبدو لها أية مظاهر ، ولكن بداخلى كانت بركانا يسكننى ولم أستطع السيطرة عليه ، ياترى أهذه هى طريقتها مع كل الناس ، سريعة التجاوب .. سريعة التصادق ، وبهذه السهولة تتخاطب مع أى أحد ؟ ، رحت أتخيل طريقتها وهى تتعامل مع الذين لاأعرفهم ، قياسا على ماأراه الأن فى تعاملها مع أصدقائى حيث أرى فى عيونهم توددهم لها ولهفتهم عليها وشغفهم بها ، وخاصة أن أيا منهم لم يستطع إخفاء هذه اللهفة وهذا الشغف أمامى ، فكان غيظى يشتد ويحرك سواكن الظنون التى كانت تفعل بى كما يحلو لها . إننى لازلت لاأستطيع أن اتخلص من غرورى بها ، ولم أحب أن أتخلص من غيرتى عليها . وأخيرا هدانى تفكيرى أن أراقبها دون أن تشعر بى ودون أن يلاحظنى أحد منهم ، فكنت أتوارى فى ركن بعيد متابعا لما يفعله وجودها بينهم ، لاحظت بعضهم يبدو كأنما يسترد روحه كلما رآها ، بينما تحلق أرواح الأخرين بسعادة ، كنت أسعد بنرجسيتى مايشبع غرورى فى تقدير ذوقى لقياسات جمال المرأة الروحى والنفسى وأيضا جمال الخلقة الواضحة والتى كانت تشع من بين جنبات وجنتيها ، ولكن وفى ذات الوقت كنت استشيط من كدم الغيرة التى كانت تطبق على قلبى وتأتى على منعطفات السعادة وكأنها تقبضها قبضا يسيرا وتلقيها بقسوة فظة على صخرة الغليل من جم الغيظ الذى كان يتملكنى ويحتوينى ويحطمنى ، ثم أنهض أشلاءً بشعور مغاير غريب .. شعور لاأعرفه ولكنه بغيض ، فيبتسم قلبى ابتسامة بلهاء أغالط بها نفسى أملا ألاتفصح عن هذه المشاعر المنتفضة الثائرة ، وأقول فى نفسى نادما كم كنت على حق عندما دخلت إلى قلبها عنوة ، ولكن لم أكن أعرف بعد أنه قلب بلاباب حتى أسده ورائى ، فسمحت للآخرين دون أن أدرى أن يدخلوه معى وبرضائى ، فلاعرفت السبيل لغلقه وإحكامه حتى أطردهم منه لأبقى به وحدى ، ولاعرفت إن كنت فعلا أسكنه وحدى أم مجرد زائر مثلهم  ، فرحت أنشد : 
"هاآنذا
لازلت أقبل منها القليل
وأقف لها فى أقصى البعاد دليل
أرقب خطواتها
كلما غدت أو راحت
بلاهدف ولاسبيل
حتى أخضرت الأمانى
وتفرعت من فكرى السليل
فاينعت وخرجت من أفواف قلبى
أقحوانة على عنق جميل
أطراها الحسن فتراقصت
ثم راحت لغيرى تميل
على غصن حليل
وتناست أنها كانت يوما
فى يدى مجرد فسيل "


القاهرة في يونيه 2018