صورة واحدة أقف أمامها طويلا ، هى صورة نفسى وكلما أمعنت
النظر فيها تولدت الأسئلة المخبأة بداخلى لتتسلل إلى عقلى وتسأله من أنا ؟ ، إننى
أريد أن أعرف من أنا ؟! أحيانا يهدينى عقلى إلى اشباع نرجسيتى بدافع الزهو لاستشعارى
بأن حياتى متزنة ومعقولة وهادئة ، بسيطة ودافئة لحبى وارتباطى بكل ماحولى من
شخوص وأماكن ،
وخاصة أن سيرتى الذاتية تبدو سلسة منظمة من أحداث حياتية بسيطة لها فلسفتها
فى التفاعل الإنسانى والاجتماعى ، وأحيانا أخرى يأخذنى قلبى للمناطق البعيدة قد
تكون باردة وعلى فترات أخرى تبدو حارة ، ربما يدخلها بعض التبريرات المنطقية المعقولة
التى تتفق ولغة العقل لكل المسببات الحقيقية المؤثرة لأحداث تأثرت بها وأصلت فى
أجمل معانى الحياة بالفطرة و ماتعلمته بالتلقى
من أبوين عملا على إنماء شيم الأخلاق والمثالية فى حياتى وعايشتها ، وربما تأخذنى نوازع
النفس إلى أبعد من كل هذا فتتجاوز العقل والقلب والحقيقة ، وهناك أجد نفسى واقفا وحدى
محاولا الفكاك من قيودى الموثوقة التى طالما كبلت كل أفكارى وعواطفى ، وجعلتنى فى
هوس مابين الضوابط التى آلفتها وتأصلت داخلى فتحكمنى ، وبين ماتتوق إليه نفسى وأحببته
فأريده ، وقتها تصنع بى أحلام
اليقظة ماتصنع ، وتأخذنى الظنون ماتأخذ فى كل المعطيات المتاحة وكافة
الإحتمالات الممكنة
، لتأتى النتيجة مخيبة لأمالى ، على خلفيتها القليل من
النجاحات ، ليبق الكثير من ركامات الفشل وخاصة عند منعطفات التعامل الإنسانى فى عاطفة الحب التى كنت حذرا فى التعامل معها أشد الحذر ،
فكثيرا ماكنت آوى فيها إلى
نفسى وانزوى
مخافة من الصدمات المحتملة التى كان والدى يحذرنى دائما منها بألاأقف مع البنات
ولاألعب معهن ، وعندما كان يرانى أقف وسط الأصدقاء بينهم بنات ينهرنى ويعنفنى بشدة
، واستمريت على هذا الحال وعلى مدى مراحل عمرى التى ارتقيت إليها تأصلت فيها الرهبة والخوف منهن بلا سبب
، حيث كنت أشعر دوما بأننى قليل الخبرة فيها ، لدرجة أننى كنت أتجاوزها فى كثير من
الأحيان دون ارتياح رغم كثرة علاقاتى بالعالم الأنثوى بعد ذلك ومعرفة الكثير عنه وعن حياتهن
وطبائعهن ، إلا أننى كنت أضع حدودا فى شكل كل علاقة ومقتضى أى حديث معهن ، فكنت أعذب نفسى كثيرا وأقسو على قلبى أكثر
، ثم اتهمهما بالتقصير ، رغم أننى كنت أتوق للحب وأتمناه ، ومابين التطلع والحيرة كانت تملكنى نفسا تؤرقنى كثيرا إذا تقلبت .. ويحكمنى قلبا رقيقا يعذبنى إذا أحب ، ويقسو علىّ إذا عانى من الوحدة ، عشت جزءا كبيرا من حياتى مضطرب الخاطر ، ومع ذلك لم أسلم من اتهامهن
لى بالثقة الزائدة والتعالى ، وأنا لم أكن كذلك ، ولكن عيونهن كانت ترانى كذلك ، ولم تعرف أى منهن أننى كنت أحب الحب واتخيله واستعذب التفكير فيه وأتوهمه ، كى أعيش على هواه ، لأن القدر شاء ألا أقابله ، وأبى ألا أصادفه ، حتى سئمت منه ومن تخيلاته .. وآه من التخيلات
، وأه من الهوى .
القاهرة في إبريل 2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق